كِتابُ الأمثال
يقدم كتاب الأمثال عرضاً وافياً لطائفة من التعليمات والتوجيهات العملية التي تسعف على الحياة الناجحة. وقد أوحى بها الله لسليمان ولغيره من رجال الله لتكون مُرَادِفَةً لتعاليم الأنبياء وتحذيراتهم وإنذاراتهم، وكلها تدعو الناس إلى التوبة؛ كما أنها عملت على تأْييد خدمة الكهنة التي كانت تقوم بتوجيه الناس في العبادة. يعلم كتاب الأمثال أن الله قد أَعطى الإِنسان كلمة إلهية كما أعطاه من لدنه حكمة بشرية، أي حصافة أو فطرة سليمة، وعلى هاتين الحكمتين أن تعا، دوراً هاماً في الحياة اليومية. وقد جمعت في هذا الكتاب، بوحي إلهي، مجموعات من المأْثورات والأمثال العملية القديمة التي كانت شائعة في العصور السالفة وجميعها تعالج موضوعات مختلفة كتأْديب الأبناء، والعدل الاجتماعي، وأقوال الجهال، والأموال، وتنتهي فصول هذا الكتاب بوصف مفصل عن المرأة الفاضلة وتأْثيرها العميق في حياة الأُسرة. يلخص العدد السابع من الأصحاح الأول موضوع الكتاب، بداية أو رأْس الحكمة مخافة الله. أي أن الإنسان الحكيم حقاً هو الإنسان الذي يخاف الله. لا شك أن الحكمة البشرية والحصافة أمران ضروريان ومستحسنان، ولكن مهما كان الإنسان حصيفاً وذكياً فإنه لابد أن يضل إن لم يتواضع أمام الرب ويُبْدِ استعداده للتعلم منه. كذلك يشدد الكتاب على قدسية الحياة الإنسانية، ويشير إلى أن كل شيء يمت بالصلة إلى الحياة الناجحة يدعو لاهتمام الله ويعزى إليه لأنه يوفر دواعي النجاح. 1 هَذِهِ هِيَ أَمْثَالُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ،
١
١ لِتَعْلِيمِ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، وَإِدْرَاكِ مَعَانِي الْأَقْوَالِ الْمَأْثُورَةِ. ٢ وَلِلْحَثِّ عَلَى تَقَبُّلِ التَّأْدِيبِ الْفَطِنِ، وَالْبِرِّ وَالْعَدْلِ وَالاسْتِقَامَةِ. ٣ فَيُحْرِزُ الْبُسَطَاءُ فِطْنَةً، وَالأَحْدَاثُ عِلْماً وَبَصِيرَةً. ٤ يَسْتَمِعُ إِلَيْهَا الْحَكِيمُ فَيَزْدَادُ حِكْمَةً، وَيَكْتَسِبُ الْفَهِيمُ مَهَارَةً، ٥ فِي فَهْمِ الْمَثَلِ وَالْمَعْنَى الْبَلِيغِ وَأَقْوَالِ الْحُكَمَاءِ الْمَأْثُورَةِ وَأَحَاجِيهِمْ. ٦ فَإِنَّ مَخَافَةَ الرَّبِّ هِيَ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْحَمْقَى فَيَسْتَهِينُونَ بِالْحِكْمَةِ وَالتَّأْدِيبِ. ٧  اسْتَمِعْ يَاابْنِي إِلَى تَوْجِيهِ أَبِيكَ وَلاَ تَتَنَكَّرْ لِتَعْلِيمِ أُمِّكَ. ٨ فَإِنَّهُمَا إِكْلِيلُ نِعْمَةٍ يُتَوِّجُ رَأْسَكَ، وَقَلاَئِدُ تُطَوِّقُ عُنُقَكَ. ٩  يَاابْنِي إِنِ اسْتَغْوَاكَ الْخُطَاةُ فَلاَ تَقْبَلْ. ١٠ إِنْ قَالُوا: «تَعَالَ مَعَنَا لِنَتَرَبَّصَ بِالنَّاسِ حَتَّى نَسْفُكَ دِمَاءً أَوْ نَكْمُنَ لِلْبَرِيءِ وَنَقْتُلَهُ لِغَيْرِ عِلَّةٍ. ١١ أَوْ قَالُوا لَكَ: تَعَالَ لِنَبْتَلِعَهُمْ أَحْيَاءً كَمَا تَبْتَلِعُهُمُ الْهَاوِيَةُ وَأَصِحَّاءَ كَالْهَابِطِينَ فِي حُفْرَةِ الْمَوْتِ ١٢ فَنَغْنَمَ كُلَّ نَفِيسٍ وَنَمْلأَ بُيُوتَنَا بِالأَسْلاَبِ. ١٣ ارْبِطْ مَصِيرَكَ بِمَصِيرِنَا، وَلْنَتَقَاسَمْ أَسْلاَبَنَا بِالتَّسَاوِي». ١٤ إِنْ قَالُوا لَكَ هَكَذَا فَلاَ تَسْلُكْ يَاابْنِي فِي طَرِيقِهِمْ، وَاكْفُفْ قَدَمَكَ عَنْ سَبِيلِهِمْ. ١٥ لأَنَّ أَرْجُلَهُمْ تَسْعَى حَثِيثاً إِلَى الشَّرِّ، وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ. ١٦ فَإِنَّهُ عَبَثاً تُنْصَبُ الشَّبَكَةُ عَلَى مَرْأَى الطَّيْرِ. ١٧ إِنَّمَا هُمْ يَتَرَبَّصُونَ لِسَفْكِ دَمِ أَنْفُسِهِمْ، وَيَكْمُنُونَ لإِهْدَارِ حَيَاتِهِمْ. ١٨ هَذَا هُوَ مَصِيرُ كُلِّ مَنْ يَثْرَى ظُلْماً، فَإِنَّ الثَّرَاءَ الْحَرَامَ يَذْهَبُ بِحَيَاةِ قَانِيهِ. ١٩  تُنَادِي الْحِكْمَةُ فِي الْخَارِجِ؛ وَفِي الأَسْوَاقِ تَرْفَعُ صَوْتَهَا. ٢٠ عِنْدَ مُفْتَرَقَاتِ الطُّرُقِ الْمُزْدَحِمَةِ تَهْتِفُ، وَفِي مَدَاخِلِ بَوَّابَاتِ الْمَدِينَةِ تُرَدِّدُ أَقْوَالَهَا: ٢١ «إِلَى مَتَى أَيُّهَا الْجُهَّالُ تَظَلُّونَ مُوْلَعِينَ بِالسَّذَاجَةِ، وَالسَّاخِرُونَ تُسَرُّونَ بِالسُّخْرِيَةِ، وَالْحَمْقَى بِكَرَاهِيَةِ الْمَعْرِفَةِ؟ ٢٢ إِنْ رَجَعْتُمْ عِنْدَ تَوْبِيخِي وَتُبْتُمْ، أَسْكُبْ عَلَيْكُمْ رُوحِي وَأُعَلِّمْكُمْ كَلِمَاتِي. ٢٣  وَلَكِنْ لأَنَّكُمْ أَبَيْتُمْ دَعْوَتِي، وَرَفَضْتُمْ يَدِي الْمَمْدُودَةَ إِلَيْكُمْ، ٢٤ وَتَجَاهَلْتُمْ كُلَّ نَصَائِحِي وَلَمْ تَقْبَلُوا تَوْبِيخِي، ٢٥ فَأَنَا أَيْضاً أَسْخَرُ عِنْدَ مُصَابِكُمْ، وَأَشْمَتُ عِنْدَ حُلُولِ بَلِيَّتِكُمْ. ٢٦ عِنْدَمَا تَجْتَاحُكُمُ الْبَلِيَّةُ كَالْعَاصِفَةِ، وَتَحُلُّ بِكُمُ الْكَارِثَةُ كَالزَّوْبَعَةِ، عِنْدَمَا يَعْتَرِيكُمْ ضِيقٌ وَشِدَّةٌ، ٢٧ حِينَئِذٍ يَسْتَغِيثُونَ بِي فَلاَ أَسْتَجِيبُ، وَيَلْتَمِسُونَنِي فَلاَ يَجِدُونَنِي. ٢٨ لأَنَّهُمْ كَرِهُوا الْمَعْرِفَةَ وَلَمْ يُؤْثِرُوا مَخَافَةَ الرَّبِّ، ٢٩ وَتَنَكَّرُوا لِكُلِّ مَشُورَتِي، وَاسْتَخَفُّوا بِتَوْبِيخِي. ٣٠ لِذَلِكَ يَأْكُلُونَ ثِمَارَ أَعْمَالِهِمِ الْمُرَّةَ، وَيَشْبَعُونَ مِنْ عَوَاقِبِ مُؤَامَرَاتِهِمْ ٣١ لأَنَّ ضَلالَ الحَمْقَى يَقْتُلُهُمْ، وَتَرَ فَ الجُهَّالِ يُهْلِكُهُمْ. ٣٢ أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِناً مُطْمَئِنّاً لاَ يُصِيبُهُ خَوْفٌ مِنَ الشَّرِّ».