كِتابُ رُؤيا يُوحَنّا
الرؤيا كتاب إعلان الله ليوحنا في أواخر القرن الأول، في جزيرة بطمس التي كان قد نُفِيَ إليها في أثناء الاضطهاد الشديد على الكنيسة. وهي موجهة أصلا إلى الجماعات المسيحية في أسيا الصغرى، لتشديد عزيمتهم وحضهم على الثبات في المسيح رغم المحن. يطالعنا الكاتب بمشهد باهر يظهر فيه المسيح ابن الإِنسان ممجَّداً، ثم يُدَوِّنُ الرسائل التي أمره بإبلاغها إلى الكنائس السبع. وبعد ذلك تتوالى الإِعلانات المتعلقة بما سيحدث في آخر الزمان من ضيقات وبلايا وأحداث رهيبة، وحروب تنتهي بهزيمة إبليس وجنده وتطهير الأرض من الأشرار ليملك المسيح مدة ألف سنة. ثم ينهي الكاتب رؤياه بوصف قيامة الأشرار للدينونة أمام العرش العظيم الأبيض في اليوم الأخير، وينتهي إلى وصف الحالة الأبدية حيث يتم النصر لله وللمسيح في السماء الجديدة والأرض الجديدة، إذ يتحقق الخلاص النهائي للمؤمنين.
١
١ هَذِهِ رُؤْيَا أَعْطَاهَا اللهُ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِيَكْشِفَ لِعَبِيدِهِ عَنْ أُمُورٍ لاَبُدَّ أَنْ تَحْدُثَ عَنْ قَرِيبٍ. وَأَعْلَنَهَا الْمَسِيحُ لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا عَنْ طَرِيقِ مَلاَكٍ أَرْسَلَهُ لِذَلِكَ. ٢ وَقَدْ شَهِدَ يُوحَنَّا بِكَلِمَةِ اللهِ وَبِشَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِجَمِيعِ الأُمُورِ الَّتِي رَآهَا. ٣ طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ كِتَابَ النُّبُوءَةِ هَذَا وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَهُ، فَيُرَاعُونَ مَا جَاءَ فِيهِ، لأَنَّ مَوْعِدَ إِتْمَامِ النُّبُوءَةِ قَدِ اقْتَرَبَ! ٤  مِنْ يُوحَنَّا، إِلَى الْكَنَائِسِ السَّبْعِ فِي مُقَاطَعَةِ آسْيَّا: لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ مِنَ الْكَائِنِ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي سَيَأْتِي، وَمِنَ الأَرْوَاحِ السَّبْعَةِ الْمَاثِلَةِ أَمَامَ عَرْشِهِ، ٥ وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، بِكْرِ الْقَائِمِينَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، مَلِكِ مُلُوكِ الأَرْضِ، ذَاكَ الَّذِي بِدَافِعِ مَحَبَّتِهِ لَنَا مَاتَ لأَجْلِنَا فَغَسَلَنَا بِدَمِهِ مِنْ خَطَايَانَا، ٦ وَجَعَلَ مِنَّا مَمْلَكَةً، وَكَهَنَةً لِلهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِين! ٧  هَا هُوَ آتٍ مَعَ السَّحَابِ! سَتَرَاهُ عُيُونُ الْجَمِيعِ، حَتَّى أُولئِكَ الَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَتَنُوحُ بِسَبَبِهِ قَبَائِلُ الأَرْضِ كُلُّهَا! نَعَمْ، آمِينَ! ٨ «أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ» (الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ). هَذَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الإِلهُ الْكَائِنُ الَّذِي كَانَ الَّذِي سَيَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. ٩  أَنَا، يُوحَنَّا أَخَاكُمْ وَشَرِيكَكُمْ فِي الضِّيقَةِ وَالْمَلَكُوتِ وَالصَّبْرِ فِي يَسُوعَ، كُنْتُ مَنْفِيّاً فِي الْجَزِيرَةِ الَّتِي تُسَمَّى بَطْمُسَ، لأَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ وَشَهَادَةِ يَسُوعَ. ١٠ وَفِي يَوْمِ الرَّبِّ، صِرْتُ فِي الرُّوحِ، فَسَمِعْتُ مِنْ وَرَائِي صَوْتاً عَالِياً كَصَوْتِ الْبُوقِ ١١ يَقُولُ: «دَوِّنْ مَا تَرَاهُ فِي كِتَابٍ، وَابْعَثْ بِهِ إِلَى الْكَنَائِسِ السَّبْعِ: فِي أَفَسُسَ، وَسِمِيرْنَا، وَبَرْغَامُسَ، وَثِيَاتِيرَا، وَسَارْدِسَ، وَفِيلاَدَلْفِيَا، وَلاَوُدِكِيَّةَ». ١٢  وَعِنْدَمَا الْتَفَتُّ نَحْوَ الصَّوْتِ، رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَائِرَ مِنْ ذَهَبٍ، ١٣ يَقِفُ وَسَطَهَا كَائِنٌ يُشْبِهُ ابْنَ الإِنْسَانِ وَيَرْتَدِي ثَوْباً طَوِيلاً إِلَى الرِّجْلَيْنِ، يَلُفُّ صَدْرَهُ حِزَامٌ مِنْ ذَهَبٍ. ١٤ شَعْرُ رَأْسِهِ نَاصِعُ الْبَيَاضِ كَالصُّوفِ أَوِ الثَّلْجِ، وَعَيْنَاهُ كَشُعْلَةٍ مُلْتَهِبَةٍ. ١٥ رِجْلاَهُ تَلْمَعَانِ كَأَنَّهُمَا نُحَاسٌ نَقِيٌّ مَصْقُولٌ بِالنَّارِ، وَصَوْتُهُ يُدَوِّي كَصَوْتِ شَلاَّلٍ غَزِيرٍ، ١٦ وَوَجْهُهُ يَتَوَهَّجُ بِالنُّورِ كَشَمْسِ الظَّهِيرَةِ. وَكَانَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ نُجُومٍ، وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ قَاطِعٌ ذُو حَدَّيْنِ. ١٧ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ ارْتَمَيْتُ عِنْدَ قَدَمَيْهِ كَالْمَيْتِ، فَلَمَسَنِي بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَقَالَ: «لاَ تَخَفْ! أَنَا الأَوَّلُ وَالآخِرُ، ١٨ أَنَا الْحَيُّ. كُنْتُ مَيْتاً، وَلَكِنْ هَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْمَوْتِ وَالْهَاوِيَةِ. ١٩ دَوِّنْ مَا رَأَيْتَهُ، وَمَا يَحْدُثُ الآنَ، وَمَا يُوشِكُ أَنْ يَحْدُثَ بَعْدَهُ. ٢٠ وَهَذَا سِرُّ النُّجُومِ السَّبْعَةِ الَّتِي رَأَيْتَهَا فِي يَمِينِي، وَمَنَائِرِ الذَّهَبِ السَّبْعِ: النُّجُومُ السَّبْعَةُ تُمَثِّلُ مَلاَئِكَةَ الْكَنَائِسِ السَّبْعِ، أَمَّا الْمَنَائِرُ السَّبْعُ فَهِيَ تُمَثِّلُ الْكَنَائِسَ السَّبْعَ نَفْسَهَا.